تقع مدينة غزة في الجزء الجنوبي من السهل الساحلي الفلسطيني، وترتفع عن سطح البحر حوالي 55 م وتبعد عنه حوالي 3كم، وهي تتمتع بموقع استراتيجي متميز عند بوابة فلسطين الجنوبية على الطريق الساحلي القديم " فيا مارس"، وميناء بحري على البحر المتوسط. وتعرف غزة بموقع تل الخروبة. وقد عرف فلندر بتري غزة القديمة بتل العجول، وهو الموقع الذي نقب في الفترة ما بين 1931-1935، ونشرت نتائج التنقيب في خمسة مجلدات، وتعود فترة الاستيطان الرئيس الى العصر البرونزي الوسيط والمتأخر، وأظهرات تنقيبات البعثة الفلسطينية الفرنسية 1998-2000 في تل السكن، على بعد كم واحد من تل العجول دلائل اثرية تعود الى العصر البرونزي المبكر، وفترة استيطان رئيسة في العصر البرونزي المبكر الثالث، والتي تسبق بداية الاستيطان في تل العجول.
ذكرت غزة في المصادر التاريخية في القرن الخامس عشر قبل الميلاد باسم "غزاتو" في قائمة المدن التي فتحها الفرعون المصري تحتمس الثالث. وقد وصفت غزة بمدينة كنعان. كما ذكرت في وثائق تل العمارنة في القرن الرابع عشر ق.م. وفي وثائق تل تعنك كمركز اداري مصري. وذكرت غزة في المصادر التوراتية كواحدة من تحالف المدن الفلسطية الخمس، ومثلت الحدود الجنوبية النهائية للسيطرة الفلسطية في بداية القرن الثاني عشر ق.م. وتشير المصادر إلى أن معبد الإله الفلسطي داجون كان في غزة.
وخضعت غزة للسيطرة الأشورية أثناء حملة الملك تغلاث-بيلسر سنة 723 ق.م. ، واحتل الفرعون المصري نيخو غزة في سنة 609 ق.م. لفترة وجيزة. وتحولت غزة إلى حصن ملكي في الفترة الفارسية، وقد أطلق هيرود عليها اسم كاديتس. وتشير المصادر التاريخية إلى أن غزة كانت المدينة الوحيدة التي تصدت للإسكندر المقدوني أثناء حملته على فلسطين، والذي فرض حصارا طويلا على المدينة، ولم يستسلم حاكم المدينة باتيس، التي احتلها بالقوة، وكاد الاسكندر ان يقتل في محاولة اغتيال من شخض عربي على أبوابها.
وفي الفترة الهلنستية كانت غزة المحطة البطلمية الشمالية المتقدمة حتى احتلالها على يد انطيوخس الثالث سنة 198 ق.م. وقد دمرت غزة على يد الحسمونيين. وأعيد بناء المدينة في بداية الفترة الرومانية، وعدا فترة قصيرة من حكم الملك هيرود، فقد خضعت المدينة للحكم المباشر من قبل القنصل الروماني في سوريا. وازدهرت غزة في الفترة الرومانية، وشيدت المعابد الكبيرة للآلهة زيوس وهيليوس وأفروديت وأبولو والالهة تايكي. وأكبر المعابد كانت مكرسة للإله مارنا حامي المدينة، واستمرت عبادته حتى القرن الخامس الميلادي، أي بعد انتصار المسيحية.
ومنذ القرن الخامس أصبحت غزة مركزاً مهماً في العالم البيزنطي المسيحي، ولمع منها رجال فكر منهم بروكوبيوس الغزي والقديس هيلاريون، الذي ولد في مدينة تباثا، وكشفت التنقيبات الاثرية عن ديره في تل ام عامر بالقرب من النصيرات. وظهرت مدينة غزة في خريطة مادبا كمدينة كبيرة بشوارع معمدة وكنيسة في مركزها، وشيدت العديد من الكنائس في الفترة البيزنطية. وتطورت غزة الجديدة عند منطقة الميناء. وكان لمدينة غزة تقويمها الخاص،تبدأ السنة الغزية في حوالي سنة 60 ق.م هذا بالإضافة إلى التقويم السلوقي الذي يعتبر معركة غزة سنة 312 ق.م بداية لتقويم دعي فيما بعد "بالتاريخ السلوقي" واتخذ الإمبراطور هادريان تقويماً يبدأ سنة 129م.
ارتبطت مدينة غزة بالجزيرة العربية من خلال طريق اللبان، منذ القرن السابع قبل الميلاد، واظهرت الكتابات القديمة علاقات تجارية تربط غزة باليمن في القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كانت تنقل الصادارات من الجزيرة العربية الى ميناء غزة ومنه الى دول البحر الابيض المتوسط.
خضعت غزة للحكم العربي الاسلامي سنة 635 ميلادية. وأصبحت مركزاً إدارياً لمنطقة النقب الجنوبية كما هو معروف من بردية نيسانا، وازدهرت المدينة في العهد الجديد. دفن فيها هاشم بن عبد مناف جد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك سميت "غزة هاشم"، وولد فيها الإمام الأعظم محمد بن إدريس الشافعي سنة 767 ميلادية في منزل يقع إلى الغرب من حمام السمرة دفن فيه ابنته آسيا وخادمه الشيخ عطية.
وقد خضعت المدينة للحكم الفرنجي سنة 1149 على يد الملك بلدوين الاول وسماها الصليبيون غادرس. وتحولت لاحقا إلى حصن قوي لفرسان الهيكل حتى تحريرها على يد صلاح الدين الأيوبي. وفي الفترة المملوكية أصبحت غزة مركز مقاطعة تغطي المنطقة الساحلية الجنوبية.، وعاصمة السنجق الجنوبي، ومركزاً تجارياً هاماً ومحطة رئيسية على طريق القوافل من مصر إلى فلسطين. كانت غزة مدينة محصنة بالأسوار حتى القرن الثامن عشر، فيها سبعة أبواب سميت بأسماء المدن التي تؤدي إليها وهي: باب الإبلاخية، وباب ميماس، وباب البحر، وباب عسقلان، وباب الخليل، وباب المنطار، وباب الداروم. وبعد النكبة عام 1948، أصبحت غزة مركزا اقليميا لقطاع غزة الجديد والذي يضم ما مساحته 365 كيلومترا مربعا، الذي خضع للادارة المصرية حتى احتلال غزة عام 1967، واستمر هذا الوضع حتى تأسيس السلطة الوطنية عام 1994. ويضم قطاع غزة مدن غزة وبيت حانون ودير البلح وخانيونس ورفح، وعددا كبيرا من القرى، ويضم قطاع غزة عدداً كبيراً من المواقع والمعالم والأبنية الأثرية التي تعود إلى فترات مختلفة.