اشتهرت مدينه الخليل بصناعة الزجاح منذ القدم، وظهرت هذه الصناعة منذ بداية الفترة الرومانية وازدهرت في الفترة العربية الاسلامية والعصور الوسطى والفترة العثمانية، وتركزت كصناعة حرفية في البلدة القديمة، ولعبت العائلات دورا بارزا في تطوير هذه الصناعة، وتشير سجلات المحكمة الشرعية الى وجود سبعة معامل لصناعة الزجاج في أواسط القرن التاسع عشر، منها ثلاث معامل في حارة القزازين وثلاث معامل في حارة السواكنة، وتحمل حارة القزازين اسم هذه الصناعة، التي يحكمها تنظيم القوانين الحرفية، وعلى رأسها شيخ صنعة القزازين يقوم بمراقة الصناعة والعاملين، وتركزت في عائلات معينة، وكان سر الصناعة ينتقل من الأجداد الى الاحفاد.
تعود بداية صناعة الزجاج الى الألف الثالث ق.م. في مصر والعراق، وفي فلسطين ظهرت صناعة الزجاج بطريقة الصب في القالب في أواسط الالف الثاني ق.م.. وظل الانتاج على نطاق ضيق جدا، وتطورت صناعة الزجاج الملون في فينيقيا، واستمرت حتى القرن الثالث ق.م. أما الثورة الحقيقية في صناعة الزجاج فقد جرت في النصف الثاني من القرن الاول ق.م. وذلك باكتشاف طريق صناعة الزجاج بالنفخ، والتي انتقلت الى كافة أرجاء الامبراطورية الرومانية، وتطورت هذه الصناعة في فلسطين ممن خلال تنوع الأشكال والالوان، ويتكون الزجاج بشكل رئيسي من ثلاث مركبات وهي اكسيد الصوديون واكسيد الكالسيوم والرمل.
ويصنع الزجاج الخليلي بطريقة النفخ التي تعود لاكثر من الفي سنة، من مواد متوفرة محليا، وهي مادة الرمل والصودا الكاوية،اضافة الى الاخشاب المستعملة كوقود، أما الاصباغ فكانت ىتستورد من مصر. ويتكون معمل الزجاج من أتون الصهر مشيد من طين مشوي مقاوم للحرارة، يصهر فيه الزجاج المصنع لتكوين طبقة عازلة من الزجاج حتى لا تلتصق به المواد عند صهرها ويقوم الحرفيون والعمال بالقاء مقادير المواد المطلوية لصناعة الزجاج في داخل الاتون لتتشكل كتلة الزجاج المطلوبة، والتي يقومون بتشكيلها عن طريق تقنية النفخ،
وكانت معامل الزجاج في مدبنة الخليل تصنع الاباريق والاكواب والقناديل والاساور والخواتم والمسابح وتصدرها الى القدس ونابلس والقاهرة، ثم تصدر الى الاسواق الاوروبية عن طريق ميناء يافا، وقد اشتركت الخليل في المعرض العالمي الذي اقيم في فينا عام 1873 دلالة على اهمية هذه الصناعة، وقام حرفيوا صناعة الزجاج في الخليل بانشاء معامل الزجاج خارج مدينة الخليل، ولم تقتصر على فلسطين وحدها، بل وصلت الى تركيا. ورغم تراجع قيمة الزجاج الاستعمالية في الاونة الاخيرة فما زالت تستخدم كمواد واواني اللزينة وكمنتج سياحي.