بُنيت شبكة من قنوات الأنظمة المائية ما بين جبال الخليل والقدس لتزويد مدينتي القدس وبيت لحم بالماء. وإنشئت قناتين للنظام المائي لتجلب الماء من برك سليمان إلى القدس، هما القناة المائية الدنيا من عين عطن إلى القدس والقناة المائية العليا التي ترتفع حوالي ثلاثين مترا. وتوجد قناتان أخريان تحملان الماء إلى برك سليمان من وادي العرّوب ووادي البيـار.
تعرف القناة المائية الموجودة في وادي الععرّوب بـ "قناة السبيل". وعند تتبع مسارها يظهر أنها تحمل الماء من بركة سليمان التحتا عبر بيت لحم وتشقّ وادي جيحون وتسير بمحاذاة السفح الغربي لوادي الثوري حتى تصل الحرم الشريف في القدس. وتمرّ القناة المائية عبر المناطق الجبلية في بيت لحم ثم تلتف بمحاذاة جنبات التلال حتى تدخل نفقاً قريباً من قرية صور باهر جنوبي مدينة القدس. وتجري على طول سفوح الجبال وبمحاذاة السفوح الجنوبية للقدس حتى تصل إلى منطقة الحرم الشريف حيث أقيمت الصهاريج والسبل لهذا الغرض. ويبلغ طول قناة السبيل المائية هذه حوالي 68 كيلومترا.
تعد قناة السبيل أطول قناة مائية في فلسطين، وقد تم استخدامها طوال عدة قرون. وهي تمتلك وظيفة فريدة في التقاليد الثقافية لسكان مدينتي القدس وبيت لحم. كما أنها لعبت دورا مهما في الاستقرار التقليدي للبشر ولاستخدامها في ري الأرض خصوصا في وادي أرطاس.
وتعمل الأنظمة المائية في القدس على إيصال المياه من كل من وادي العَرّوب وعين البالوع ووادي أرطاس إلى القدس. وتوجد هذه المنابع جنوبي القدس وتتألف من تجمعات رئيـسية ثلاث هي وادي العرّوب الذي يرتفع 810 أمتار عن سطح البحر، ووادي البيار الذي يرتفع بدوره 870 مترا عن سطح البحر وبرك سليمان التي ترتفع 800 متر عن سطح البحر. أما قناة العَـرّوب فتجري بين عيـن (كوزيبا) وتلال الخليل إلى بـرك سليمان، أي لمسافة تبلغ حوالي أربعـين كيلومترا. وتجـمع القـناة مـياه ينابـيع وادي العَـرّوب التي تتجمع وتتخـزن.
وعلى مسافة 4 كم جنوب بيت لحم تقع برك سليمان أو ما يعرف أيضاً ببرك المرجيع، وهي ثلاث برك تمتد من الغرب إلى الشرق لمسافة 500م سميت بهذا الاسم نسبة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني الذي قام بترميم قنوات المياه التي كانت تزود القدس بالمياه.
أُنشئ النظام المائي في الجهة العليا من وادي أرطاس في الفترة الرومانية 37 قبل الميلاد وحتى سنة 325 ميلادي ببناء بركتين، وتطور هذا النظام في الفترات الإسلامية ببناء البركة الثالثة الكبيرة في عهد السلطان المملوكي الملك الظاهر خوشقدم عام 1460م.
يشكل النظام المائي الذي كان يغذي مدينة القدس من الفترة الرومانية المبكرة وحتى الفترة الانتدابية نظاماً فريداً من نوعه، نظراً للمسافة الطويلة التي كانت تسير فيها المياه سواءً الواردة إلى البرك من وادي البيار، أو الخارجة منها باتجاه القدس، حيث بلغت المسافة حوالي 44 كم.
ونظراً لأهمية هذا المصدر المائي فقد تم بناء قلعة لأغراض الحماية "قلعة البرك"، التي تقع شمال البركة الفوقا "العليا" شرقي طريق القدس – الخليل، شُيدت في عهد السلطان عثمان الثاني بن أحمد عام 1617 لحماية البرك ومصادر المياه وقوافل الحجاج من الاعتداءات، وقامت القلعة بدور مهم في حفظ الأمن وحراسة ينابيع المياه وقناة السبيل لمدة طويلة. وتتكون القلعة من بناء مستطيل الشكل طوله من الجنوب إلى الشمال 70م وعرضه من الشرق إلى الغرب 45م وسمك جدرها 40 سم في حين تبلغ مساحتها الكلية حوالي 3528 متراً مربعاً، لها مدخل رئيس واحد في منتصف الجدار الغربي يعلوه نقش مكتوب عليه تاريخ تشييد البناء، وفي كل زاوية من زواياها الأربع يوجد برج مربع الشكل مبني من طابقين، يظهر في جزئه العلوي فتحات السهام، وفي جزئه السفلي يوجد مدخل يفتح داخل القلعة فيه درج يؤدي إلى الطابق العلوي، تتكون القلعة من خمسين غرفة صغيرة بنيت على الجدار الغربي الشرقي خصصت لسكن الجنود وأمتعتهم ومؤنهم وعتادهم، وفي الركن الجنوبي الغربي بني مسجد صغير، وللقلعة ساحة داخلية تبلغ مساحتها ثلاثة دونمات خصصت لاستراحة الخيل والجنود، أما الجهة الجنوبية منها فيوجد فيها نبع ماء خاص بالقلعة يعرف بعين القلعة، رممت في الآونة الأخيرة لتكون ضمن مشروع سياحي كبيرفي تلك الناحية.